إدارة “معلومات الطاقة” الأمريكية: الصراعات السياسية وهجمات الميليشيات تعرقل الاستثمارات بمجال الطاقة في ليبيا
أكدت إدارة “معلومات الطاقة” الأمريكية، أنه رغم احتياطات النفط الكبيرة في ليبيا لكن الصراعات السياسية وهجمات الميليشيات تعرقل الاستثمارات في هذا القطاع.
وأوضحت الإدارة المعينة بجمع وتحليل ونشر معلومات مستقلة ومحايدة حول الطاقة، في دراسة نشرها موقع “أوراسيا ريفيو”، أن ليبيا كانت ثالث أكبر منتج للنفط الخام في أوبك وثالث أكبر منتج للسوائل البترولية في إفريقيا بعد نيجيريا والجزائر في عام 2023 وأوائل عام 2024، كما احتفظت ليبيا بنسبة 3٪ من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم و41٪ من احتياطيات النفط المؤكدة في أفريقيا.
ولكنها عادت وقالت: “لكن على الرغم من احتياطيات النفط الكبيرة في ليبيا، فإن الصراعات السياسية وهجمات الميليشيات على البنية التحتية للهيدروكربونات حدت من الاستثمارات في قطاعي النفط والغاز الطبيعي في البلاد، وهذه التحديات تقيد من عمليات استكشاف وتطوير احتياطياتها منذ عام 2011”.
وأردفت الدراسة قائلة “رغم أن ليبيا عضو في أوبك، إلا أنها معفاة من تخفيضات الإنتاج، لأن إنتاج النفط لديها متقلب للغاية وغالبًا ما يتم إغلاقه بسبب الصراعات والنزاعات العمالية والقيود على الميزانية وقضايا الصيانة المستمرة ورعدم كفاية سعة التخزين”.
وشددت الدراسة على أن عدم الاستقرار السياسي الذي بدأ منذ نكبة فبراير عام 2011 لا يزال يشكل مخاطر على قطاع الطاقة، محذرة من أنه يستخدم كلا الفصيلان الحكوميان المتصارعان في المنطقة الغربية والشرقية والميليشيات المحلية الأخرى، صادرات النفط كوسيلة ضغط، وتسبب قتالهما في تعطيلات هائلة لإنتاج النفط الليبي خاصة بين عامي 2014 و2020.
وواصلت الدراسة قائلة “رغم توقيع وقف إطلاق النار إلا أن الأطراف المختلفة لم يتمكنوا من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بسبب عدم توافقهم على القوانين الانتخابية والمرشحين، ما أدى لتأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى”.
واستدركت بقولها “تعمل الأمم المتحدة مع الفصائل في ليبيا منذ ما يقرب من 3 سنوات للتوصل إلى اتفاق بشأن القوانين والإجراءات الدستورية المتعلقة بعملية الانتخابات، لكن الجمود السياسي أعاق الانتخابات للمضي قدمًا”.
ولفتت إلى أن الانقسام الحكومي في ليبيا، في فرض الحصار على البنية التحتية لقطاع النفط لأكثر من مرة، وهو ما ظهر جليا في الصراع الأخير حول قيادة مصرف ليبيا المركزي.
وانتقلت الدراسة لتسليط الضوء بصورة أكثر تفصيلا على قطاع النفط والغاز الطبيعي في ليبيا، حيث قالت: “تمثل عائدات تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي جزءًا كبيرًا من اقتصاد ليبيا، حيث تمثل ما يقدر بنحو 97٪ من إجمالي عائدات الحكومة الليبية وما يقدر بنحو 93٪ من إجمالي قيمة صادرات البلاد عام 2023”.
وقدرت الدراسة صافي عائدات تصدير النفط في ليبيا بأنها بلغت 30 مليار دولار في عام 2023، وهو ما يشبه إجماليات عام 2022، وعلى الرغم من ارتفاع صادرات ليبيا من النفط في عام 2023، فقد انخفضت أسعار النفط مقارنة بعام 2024، بحسب الدراسة.
ومضت قائلة “يغطي الوقود الأحفوري كل الطلب الليبي على الطاقة تقريبًا، حيث شكل النفط 57% والغاز الطبيعي ما يقرب من 43% في عام 2022”.
وأشارت الدراسة إلى أنه “في بداية عام 2024، كانت ليبيا تمتلك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في أفريقيا، حيث بلغت 48 مليار برميل، وهو ما يمثل 41% من إجمالي احتياطيات القارة، لكن الأزمة أنه لا تزال معظم ليبيا غير مستكشفة للنفط، حيث حالت الاضطرابات المدنية المستمرة دون تنفيذ برنامج استكشاف واسع النطاق”.
وألقت الدراسة الضوء على أن “ليبيا تنتج في الغالب درجات عالية الجودة من النفط الخام الخفيف الحلو (منخفض الكبريت)، والتي يمكن معالجتها وتحويلها إلى منتجات بترولية قيمة في مصافي بسيطة، وكانت تنتج ليبيا 1.7 مليون برميل نفط قبل بدء الحرب الأهلية عام 2011”.
وتحدثت عن الخسائر التي تكبدتها ليبيا بسبب “نكبة فبراير” قائلا “تسببت الخلافات السياسية على مدى العقد التالي في انخفاض حاد في الإنتاج وعدة اضطرابات كبرى في الإنتاج والصادرات، ويمكن أن يعود إنتاج ليبيا إلى متوسطات ما قبل عام 2011 إذا تمكنت الفصائل السياسية المختلفة من تشكيل حكومة موحدة ومستقرة، وجذب الاستثمار الأجنبي لمشاريع الاستكشاف والتطوير، وتوفير إيرادات كافية لتعزيز البنية التحتية النفطية المتقادمة في البلاد”.
واستمرت قائلة “العديد من المشاريع الخاصة بالاستكشاف والتطوير التي تعتزم المؤسسة الوطنية للنفط إطلاقها، تواجه تأخيرات بسبب التعقيدات الناجمة عن الصراعات السياسية في ليبيا”.
واستطردت بقولها “تقلصت نسبة النفط الذي يتم معالجته محليا عن طريق المصافي في ليبيا، بسبب الأضرار التي تعرضت لها المرافق أثناء أحداث 2011، والتقدم البطيء المحرز في إعادة تأهيل جميع المصافي”.
وسلطت الضوء على الخسائر التي تكبدتها البلاد بقولها “تعرضت مصفاة رأس لانوف، أكبر مصفاة في ليبيا من حيث الطاقة الاسمية، لأضرار جسيمة بعد الحرب الأهلية في عام 2011 وكانت متوقفة عن العمل منذ عام 2013”.
وحذرت من أن المؤسسة الوطنية للنفط تتوقع انخفاضا في إنتاج حقول الغاز الطبيعي الرئيسية بحر السلام والوفاء بدءًا من عام 2025، لذلك ستواجه ليبيا نقصًا محليًا في الغاز الطبيعي إذا لم تتمكن من تأمين الاستثمار الأجنبي لتطوير مشاريعها المقترحة.
وأردفت بقولها “تخطط ليبيا لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي من خلال تقليل الحرق وتطوير حقول جديدة للمساعدة في تلبية الطلب المحلي المتزايد والتزامات التصدير”.
وإلى ذلك، قالت الدراسة “مع ذلك، فإن الجمود السياسي الحالي في ليبيا والقيود المرتبطة بالميزانية تشكل مخاطر سلبية كبيرة للوصول إلى هذه الأهداف، حيث تتأخر مشاريع النفط والغاز الطبيعي في ليبيا عادة لعدة سنوات بسبب التحديات الأمنية والتنظيمية والمالية”.
ونوهت الدراسة إلى أن “ليبيا تفتقر إلى البنية الأساسية الكافية للغاز الطبيعي، وخاصة مصانع المعالجة، لالتقاط الغاز الطبيعي من الحقول المرتبطة بإنتاج النفط ونقله إلى مراكز الطلب أو محطات الطاقة”.
وأتمت بقولها “أصبح خط أنابيب الغاز الطبيعي جرين ستريم بين مليتة بليبيا وجيلا بإيطاليا، المنفذ الوحيد لصادرات الغاز الطبيعي، بعد أن دمرت أحداث 2011، محطة تسييل الغاز الطبيعي الوحيدة في البلاد”.