باحث بالمعهد الملكي البريطاني: الصراع الروسي الأمريكي يحول سبها إلى مركز للاتجار وتهريب البشر
قال تيم إيتون، الباحث في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية، تشاتام هاوس، إن الصراع الروسي الأميركي يحول أغاديز في شمال النيجر وسبها في جنوب ليبيا إلى مراكز عبور رئيسية في طرق تهريب البشر العابرة للحدود، مضيفاً أن المدينتين النيجرية والليبية كانتا مراكز تجارية تاريخية في الصحراء الكبرى، لكن سكانها يشعرون بالتهميش تاريخيا خلال السنوات الأخيرة.
وأكد إيتون، في مقال نشره المعهد الملكي البريطاني، أن تهريب البشر والاتجار يرتبط بشكل أوثق بالعنف في سبها مقارنة بما هو عليه في أغاديز بالنيجر، حيث بات التهريب سمة بارزة في المدينة الليبية، لافتاً إلى أن انهيار الأجهزة الأمنية للنظام والفراغ الحكومي الذي خلفته عملية الناتو في ليبيا عام 2011، أدى إلى توسع كبير لشبكات التهريب في ليبيا طيلة العقد الماضي.
وأوضح أن دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا كانوا يدخلون دون أي تأشيرات إلى الحدود الليبية، حيث تتلقفهم عصابات التهريب وتتحصل منهم على مبالغ لتجعلهم يعبروا البحر المتوسط، لافتاً إلى أن البيئة المتساهلة للسفر عبر النيجر تسببت في زيادة أعداد المهاجرين غير الشرعيين وخلق نوع من الربط بين عصابات التهريب في سبها وأغاديز، موضحا أن قطاع التهريب بات مصدرا مهما للدخل لدى الكثير من سكان سبها، خاصة وسط الضائقة الاقتصادية التي تعيشها ليبيا خلال السنوات الماضية.
وأكد أن مدينة أغاديز النيجرية شهدت توسعا حضارية كبيرا وزيادة في الكثافة السكانية في الفترة من 2011 إلى 2016، بفضل نشاط أنشطة التهريب المتزايدة مع ليبيا، مشيراً إلى أن صناع السياسات الأوروبية لمواجهة هذه المخاطر تدفق المهاجرين، أبرموا سلسلة من الصفقات الشيطانية مع السلطات الليبية، أبرزها محاولة السيطرة على أنشطة التهريب في سبها بتفجير النزاعات المحلية داخلها.
وتابع بقوله “النزاعات المحلية تلك تسببت في تطوير قطاع أمني تنافسي في سبها، ما خلق بيئة غير مستقرة طاردة للسكان، حيث لا تزال السلطة في المدينة محل نزاع بين المجموعات القبلية والمنافسين السياسيين”، مشيراً إلى أن العلاقة بين سبها، ودولة ما بعد القائد الشهيد معمر القذافي، تعقدت بسبب التقسيم الإداري والمنافسة المحلية، ما يجعل البيئة الأمنية في سبها شديدة التنافسية والانقسام.
وأردف بقوله “وسط غياب أي قوات نظامية في ليبيا، الجماعات المسلحة في سبها تتمتع بروابط وثيقة مع الدوائر الاجتماعية في المنطقة، وينظر لها على أنها تعمل لصالح المجتمع أو لتحقيق مصالح ذاتية تخدم أفراد أو قبيلة بعينها”، مضيفا أن تلك الجماعات تمتلك سيطرة لوجيستية على أماكن بعينها وعلى نقاط تفتيش ومراكز احتجاز وبنى تحتية، ما يجعلها تمارس مختلف الأنشطة الاقتصادية المشروعة وغير المشروعة وبالأخص أنشطة تهريب البشر والإتجار بالمخدرات.
وأتم بقوله إن التطورات في قطاعات التهريب في مدينتي سبها وأغاديز تظهر كيف أن الصراع العابر للحدود خاصة بين روسيا والولايات المتحدة يمكن أن يسبب تأثيرات خطيرة مدمرة تبدو مثل “الدومينو”، حيث يتأثر من تبعاتها الجميع.