غير مصنف

هيومن رايتس ووتش: قطاع العدالة في ليبيا يعاني انتهاكات جسيمة

كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها أن قطاع العدالة في ليبيا يعاني من انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة القوانين التي تنتهك المعايير الدولية.

وقالت المنظمة الحقوقية الدولية في تقرير لها إن السلطة القضائية الليبية غير راغبة في إجراء تحقيقات جادة بالجرائم الخطيرة التي ترتكب في البلاد وغير قادرة على ذلك أيضا.

ولفتت إلى أن الانتهاكات الموثقة في ليبيا بحجما واستمراريتها تعكس أوجه القصور المزمنة في المؤسسات القضائية الليبية، فيما يمثل التصدي للخلل المؤسسي الهيكلي، بما في ذلك داخل السلطة القضائية، شرطا أساسيا للتغلب على الإفلات من العقاب.

وشددت على أنه ينبغي لليبيا السعي إلى إجراء إصلاح شامل، واحترام معايير المحاكمة العادلة والحق في الإجراءات القانونية الواجبة، وفرض السيطرة على جميع مرافق الاحتجاز، والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفا، وإنهاء محاكمة المدنيين عسكريا، واعتقال المشتبه بهم المطلوبين من قبل “المحكمة الجنائية الدولية” وتسليمهم.

ووثقت المنظمة في تقريرها مدى الحاجة الملحة إلى إصلاح التشريعات البالية والقمعية، وانعدام حقوق المحاكمة العادلة، وتفشي انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة، وأشارت إلى أن الظروف غير الآمنة للموظفين القضائيين، والمحاكمات العسكرية التعسفية بحق المدنيين، والظروف اللاإنسانية في السجون تفاقم الانتهاكات وترسخ الإفلات من العقاب.

ونقلت المنظمة عن حنان صلاح، المديرة المشاركة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش” قولها: “بتقاعسها عن معالجة الاحتياجات المزمنة في الإصلاح القضائي، تدير السلطات الليبية ظهرها للعدالة وتسمح للإفلات من العقاب بأن يسود”.
وتابعت قائلة “يجب أن تكون الاشتباكات الدامية الأخيرة بين الميليشيات في العاصمة طرابلس وغياب آليات العدالة الملائمة للتصدي للانتهاكات والتجاوزات إنذارا بضرورة إجراء إصلاحات عاجلة”.

وذكرت أنه ما يزال الانتقال السياسي المتأزم في ليبيا متعثرا في ظل تنافس طرفين متنازعين على الأراضي والموارد وسط تصاعد القمع والمواجهات المسلحة.

وبالحديث عن اشتباكات طرابلس الأخيرة قالت إن “وقوع الأعمال العنف الأخيرة واكتشاف مقبرة جماعية جديدة يؤكدان الحاجة إلى المساءلة القضائية، خاصة وأنه أسفر القتال العنيف بين الجماعات المسلحة والقوات شبه الحكومية في العاصمة الليبية بين 12 و14 مايو عن سقوط ضحايا مدنيين وتدمير منازل وسيارات”.

وأردفت قائلة “بعد الاشتباكات، قالت سلطات حكومة الوحدة الوطنية إنها اكتشفت 53 جثة مجهولة في مشرحة مستشفى ومقبرة عشوائية لم تكن معروفة تحوي ما لا يقل عن تسع جثث مجهولة لرجال ونساء”.

ومضت بقولها “وجدت هيومن رايتس ووتش أن قطاع العدالة في ليبيا يتسم بالانقسام والاستقطاب السياسي الحاد. فالسلطة القضائية غير راغبة في إجراء تحقيقات جادة في الانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية وغير قادرة على ذلك”.

وسلطت الضوء على أنه ثمة نزاع عميق بين المؤسسات القضائية الرئيسية، وتشمل وزارة العدل و”المجلس الأعلى للقضاء” والمحكمة العليا والنيابة العامة، فيما تتنافس “المحكمة الدستورية العليا” التي أنشئت حديثا في بنغازي مع المحكمة العليا في طرابلس، ما يهدد بحدوث أزمة دستورية وأحكام متضاربة.

وهاجمت القوانين الليبية ووصفتها بـ”البالية التي لا تتصدى للجرائم الدولية، وتتطلب إصلاحا شاملا لجعلها تتماشى مع التزاماتها الحقوقية الدولية، ولا تحترم حقوق المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة في ليبيا”.

واستدركت بقولها “يُحتجز الليبيين وغير الليبيين بشكل اعتيادي تعسفا ولفترات طويلة، وتسيطر الجماعات المسلحة والقوات شبه الحكومية على مراكز الاحتجاز المعروفة بظروفها اللاإنسانية للمهاجرين، وطالبي اللجوء، والمواطنين الليبيين على حد سواء. وهي لا تمتثل دائما لأوامر الإفراج عن المحتجزين واستدعائهم من قبل المحكمة. كما يتفشى التعذيب وسوء المعاملة والاكتظاظ، وهي حالات موثّقة جيدا”.

وذكرت كذلك أنه “يتعرض العاملون في القانون والمتهمون والشهود في ليبيا للاعتداءات والترهيب والمضايقات، حيث لا توفر لهم السلطات الحماية الجسدية الكافية”.

وطالبت السلطات الليبية إلغاء جميع القوانين التي تنتهك القانون الدولي و”الإعلان الدستوري” الليبي. وينبغي لها أن تؤسس لإصلاح تشريعي شامل بالتشاور مع فقهاء القانون والمنظمات المدنية المحلية والدولية، وتعديل قانون العقوبات لتجريم الجرائم الدولية الخطيرة، وضمان معايير المحاكمة العادلة والحق في المحاكمة العادلة، وفرض رقابة حقيقية على جميع مراكز الاحتجاز، وضمان المعاملة الإنسانية للمحتجزين، والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفا، وإنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين.

وأتمت صلاح قائلة “الانتهاكات التي نوثقها في ليبيا بحجمها واستمراريتها لا تحدث في فراغ، بل تعكس أوجه القصور المزمن في المؤسسات القضائية الليبية. وبالتالي، فإن معالجة الخلل المؤسسي الهيكلي، بما في ذلك داخل السلطة القضائية، شرط أساسي للتغلب على الإفلات من العقاب”.

زر الذهاب إلى الأعلى