غير مصنف

“ميدل إيست ترانسبيرنت”: ليبيا تجاوزت تصنيف “الدولة الفاشلة” بسبب حكم اللصوص.. والأمم المتحدة أصبحت طرفا يضفي شرعية على الفوضى

أوج #لندن

قال موقع “ميدل إيست ترانسبيرنت”، إن ليبيا تعيش في دوامة من الانهيار المؤسسي العميق، متجاوزة تصنيف “الدولة الفاشلة” إلى ما يمكن وصفه بحالة “تحت الفاشل”، نتيجة تضافر نفوذ “كليبتوقراطية” (حكم اللصوص) محلية ومافيات مفترسة للسلطة، تعمل على تفكيك الدولة بشكل منهجي لضمان استمرار مصالحها.

وأضاف أن الجهة الدولية التي كان من المفترض أن تكون طوق النجاة، الأمم المتحدة وبعثتها، تجد نفسها محل انتقاد حاد لتحوّلها عن دورها الجوهري، لتصبح طرفا يضفي شرعية على الفوضى، معتبرا أن الفساد المُمَنهج وتدمير مقومات البناء هوما السمة الأبرز للواقع الليبي، والانهيار وانعدام فاعلية جميع المؤسسات، من العدالة إلى الخدمات العامة، حيث تحوّل الفساد من ظاهرة إلى هيكل ممنهج تستخدم فيه الموارد الوطنية لتمويل الصراع وتدمير القطاعات الحيوية.

وأشار إلى تجريف الخدمات والحقوق، حيث انخفض مستوى الصحة والبيئة إلى ما دون الحد الأدنى للمعايير الإنسانية، وتدهور البنى التحتية، وانتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وإفساد التعليم وقمع الفكر وتسييس المناهج.

وأضاف أنه في ظل تآكل مؤسسات الدولة، تبرز قوة وحيدة تحظى بتمويل ودعم هائلين: إعلام البروباغاندا، وهذه الأجهزة الإعلامية، التي تمولها المافيات المستفيدة، لا تعمل على الإخبار بل على التضليل المنهجي، وتشويه الحقائق، وبث خطاب الكراهية لتعميق الانقسام المجتمعي، مؤكدا أن نجاح هذه الآلة الدعائية في السيطرة على الوعي العام وتوجيه الرأي مؤشر على أن تشتيت الشعب هو أولوية لهذه القوى، تفوق بكثير أولوية توفير الخدمات أو التعليم.

ووصف الأمم المتحدة، بأنها انزلقت من المنهج إلى المظهر، حيث كان التدخل الدولي، وعلى رأسه البعثة الأممية الأمل الأخير لوقف الانهيار، لكن بدلاً من ممارسة تفويضها القوي المستمد من قرارات مجلس الأمن، وُجِهت للبعثة انتقادات واسعة تشير إلى انحراف في دورها وفعاليتها.

وأوضح أن البعثة تحوّلت إلى ما يشبه شركة علاقات عامة دولية تكتفي مهمتها بـالتجول والتقاط الصور وإصدار تصريحات إعلامية مضللة لا تحاكي الواقع ولا تجرؤ على تسمية الأشياء بأسمائها، ولم تستخدم نفوذها بفاعلية لحث المؤسسات على الالتزام بالحد الأدنى من المعايير الدولية أو محاسبة المسؤولين عن انتهاك المواثيق الدولية، بما في ذلك حماية حقوق الملكية الفكرية وحرية الفكر.

ورأى أن هذا الدور “السلبي” أو “المشبوه” لا يضر فقط بمستقبل ليبيا، بل يُعد مخالفة لأدبيات وتعهدات ومنهج الأمم المتحدة ذاتها، فلقد ساهم هذا الموقف في إطالة أمد الأزمة، ومنح غطاء دبلوماسيا لـ”الكلبتوكراسيين” للاستمرار في نهب الموارد تحت مظلة “المفاوضات” و”التسوية السياسية”.

وأكد أنه سيكون من الضروري تغيير البوصلة للخروج من هذه الهاوية، حيث لا بد من تغيير جذري في الاستراتيجيتين الداخلية والدولية: المحاسبة والشفافية الداخلية، إذ يجب تفعيل آليات الرقابة والقضاء لمكافحة الفساد وتفكيك شبكات الكلبتوقراطية، مع التركيز على استعادة سيادة القانون كركيزة لأي تقدم.

كما لابد من استعادة الأولويات الوطنية: يجب وقف تمويل البروباغاندا وتوجيه الموارد نحو إعادة تأهيل قطاعات التعليم والصحة، وضمان حماية الملكية الفكرية كأداة لبناء اقتصاد معرفي متنوع.

وشدد على ضرورة تصحيح الدور الأممي: يتعين على الأمم المتحدة إعادة تقييم شاملة لدور بعثتها في ليبيا، والانتقال من دور المراقب السلبي إلى دور أكثر إلزاماً وحزما، ويجب أن تركز البعثة على الضغط الفعلي لفرض الالتزام بالمعايير الدولية، ومكافحة الفساد، وضمان احترام الحقوق الأساسية وحريات الفكر كشرط أساسي لشرعية أي عملية سياسية مقبلة.

واختتم متسائلا: هل يلتزم المجتمع الدولي بمراجعة نهجه، والانتقال من إدارة الأزمة إلى مساعدة حقيقية في بناء دولة مؤسسات فاعلة، أم سيستمر في إطالة أمد انهيار ليبيا؟

زر الذهاب إلى الأعلى