الاخبار

مركز “جورج تاون” الأمريكية: روسيا تعمل على زعزعة استقرار ليبيا وتمكين حفتر

أكد مركز جامعة جورج تاون الأمريكية للدراسات الأمنية، أن روسيا تسعى لزعزعة استقرار ليبيا، وتمكين الأمريكي خليفة حفتر، مشيرا إلى أن البصمة العسكرية والجيوسياسية المتزايدة لروسيا في ليبيا، تُحقق الطموحات الاستراتيجية لموسكو.

وأوضح المركز، في تقرير له، أن عمليات فاغنر المعلنة بشكل متزايد في ليبيا، تعكس التحدي الاستراتيجي الذي تمثله روسيا للنفوذ الغربي، وطموحها لتعزيز قوتها الجيوسياسية في شمال إفريقيا، لافتاً إلى أن دعم روسيا للأمريكي خليفة حفتر، واستغلالها للانحرافات العالمية والفوضى السياسية في ليبيا، عزز وجودها في البحر الأبيض المتوسط، وتوسيع نطاق وصولها إلى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وتابع أن فاغنر تتطور من العمليات السرية، إلى دور عسكري واضح، يتماشى مع أهداف روسيا الأوسع، المتمثلة في السيطرة على الموارد الاستراتيجية والمناطق الجغرافية الرئيسية التي يمكن أن تطوق القوى الغربية، موضحا أن الجنرال أفريانوف هو القائد الفعلي لمجموعة فاغنر حاليًا، وقام بتنسيق سلسلة من المبادرات العسكرية والدبلوماسية في جميع أنحاء ليبيا.

وتابع بقوله: “منذ تعيينه، تورط أفيريانوف في عمليات رفيعة المستوى، مثل القتل المستهدف لزعماء المعارضة، وتنظيم هجمات تهدف إلى زعزعة استقرار الفصائل المتنافسة، وتعمل هذه التصرفات على إضعاف من يُعارضون حفتر، وتعزيز النفوذ الروسي في ليبيا”.

وأردف أن استراتيجية أفيريانوف تنطوي على تنسيق جهود زعزعة الاستقرار لخلق الفوضى بين القوات المناهضة للأمريكي حفتر، وبالتالي تسهيل سيطرة الميليشيات الموالية لحفتر على الأرض.

واستطرد أنه في سبتمبر 2023، التقى أفيريانوف بخليفة حفتر لتعزيز تحالفهما، تلتها رحلات دبلوماسية إلى مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر، متابعا “تحت قيادة أفيريانوف، يُقدر المحللون أن ما بين عدة مئات إلى 2000 من عملاء فاغنر لا يزالون في ليبيا، بالإضافة إلى 4600 آخرين منتشرين في جميع أنحاء إفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى”.

وأوضح أن فاغنر تدير 3 قواعد جوية مهمة في حوض سرت الغني بالنفط، وفي الجفرة وبراك الشاطئ، مما يسهل حركة البضائع والإمدادات العسكرية بين الحلفاء في السودان، ومناطق أخرى جنوب الصحراء الكبرى، مضيفا أنه في أبريل 2024، تم تفريغ كميات كبيرة من المعدات العسكرية، بما في ذلك أسلحة مدفعية وناقلات الجنود المدرعة، وقاذفات الصواريخ، من السفن الروسية في ميناء طبرق.

وأكد أنه يجري حاليًا المزيد من المحادثات لتزويد السفن الحربية الروسية بحقوق الرسو في طبرق، وتعزيز التعاون العسكري من خلال تبادل أنظمة الدفاع الجوي وتدريب طياري القوات الموالية لحفتر، مضيفا أنه يعد هذا التوسع جزءًا من استراتيجية شاملة لتعزيز الوجود البحري الإقليمي لروسيا.

وأشار إلى أن الموقع الاستراتيجي لطبرق، من شأنه أن يُحول ليبيا بشكل فعال إلى قاعدة عملياتية حاسمة للأعمال العسكرية والاستراتيجية الروسية في إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، موضحا أن منح السفن الحربية الروسية حقوق الرسو في ميناء طبرق من شأنه أن يُمكّن روسيا من ممارسة سيطرة كبيرة على المجال الجوي الليبي، وإبراز القوة العسكرية عبر البحر الأبيض المتوسط.

وتابع بقوله “مثل هذا التطور من شأنه أن يقلل من النفوذ الغربي في المنطقة، ويقوض المرونة الاستراتيجية والعملياتية لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، في حين يعزز قدرة روسيا على تحدي المصالح الجيوسياسية الغربية والتصدي لها”، مشيرا إلى أن مبادرات أفيريانوف مكنت الأمريكي حفتر من ممارسة تأثير كبير على الحرب الأهلية في السودان، من خلال استخدام القواعد الخاضعة لسيطرته لشحن الأسلحة إلى قوات الدعم السريع السودانية.

وأضاف التقرير، أن هذه التحركات هي جزء من استراتيجية روسيا الأوسع لتعزيز وجودها العسكري في ليبيا، وممارسة نفوذها عبر البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، مردفا أنه من خلال وضع نفسها كقوة موازنة هائلة للقوى الغربية مثل حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، تهدف روسيا إلى مواجهة المصالح الجيوسياسية الغربية في المنطقة، ويمثل التصعيد الواضح للأنشطة الروسية في ليبيا تهديدًا مباشرًا للمصالح الغربية والاستقرار الإقليمي.

وتوقع أنه من المحتمل أن تشمل عمليات مجموعة فاغنر الآن التلاعب بتدفقات الهجرة إلى أوروبا وتقييد حقوق المجال الجوي، وهي تحركات استراتيجية يمكن أن تمكن موسكو من ممارسة ضغوط كبيرة على الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، متابعا “يظهر هذا التلاعب في استغلال روسيا للهجرة عبر ليبيا، حيث يساهم عدم الاستقرار وانتهاكات حقوق الإنسان في مراكز احتجاز المهاجرين في زيادة عدد المهاجرين المتجهين إلى جنوب أوروبا، مما يخلق توتراً اجتماعياً وسياسياً داخل الاتحاد الأوروبي”.

وأشار إلى أن وجود مجموعة فاغنر ونفوذها على الميليشيات المحلية ومراكز الاحتجاز يؤدي إلى تفاقم هذه الأزمة الإنسانية، حيث تشير الأبحاث إلى أن 20% من المهاجرين العابرين في ليبيا يأتون من دول مثل إريتريا والصومال والسودان، والتي تتمتع بمعدلات قبول لجوء مرتفعة في أوروبا، لافتاً إلى أنه للحد من نفوذ فاغنر في ليبيا، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها تنفيذ استراتيجية متعددة الأوجه.

وأتم بقوله إن تعزيز وجود الناتو في البحر الأبيض المتوسط وتقديم المساعدة العسكرية للفصائل المناهضة لفاغنر في ليبيا يمكن أن يعزز المقاومة المحلية، كما تؤكد الديناميكيات المتطورة في ليبيا الحاجة إلى استجابة دولية منسقة لموازنة المناورات الاستراتيجية الروسية والتخفيف من نفوذها المتزايد.

وأختتم “يوضح استغلال روسيا لليبيا أيضًا أن التحدي الذي تواجهه حلف الناتو لا يقتصر على الجناح الشرقي، بل يستهدف أيضًا الجناح الجنوبي، وأن معالجة استراتيجية روسيا المتعددة الأوجه هي الخيار الأفضل لحلف الناتو لتجنب مواجهة متعددة الجبهات في المستقبل مع روسيا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى