الاخبار

المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية: ليبيا قد تتحول لساحة صراع دولي جديدة بعد خسارة روسيا نفوذها في سوريا

حذر المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، من أن ليبيا قد تتحول لساحة صراع دولي جديدة بعد خسارة روسيا نفوذها في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد.

وأوضح المركز، أن تعاظم النفوذ الروسي العسكري في جنوب وشرق ليبيا، سيقود لزيادة حدة الصراع الدولي وجذب اهتمام الولايات المتحدة ومن خلفه الأوربيين بالملف الليبي، خاصة بعد التطورات الحادثة في سوريا.

ولفت إلى أن الصراع الدولي ” الأمريكي الروسي ” حول ليبيا، شهد عدة تطورات عبرت عن مدى ارتفاع وتيرة هذا الصراع، بالتزامن مع متغيرين خطيرين، وهما “أولاً خسارة روسيا حليفها الاستراتيجي في سوريا بسقوط بشار الأسد، وما يمكن أن ترتبه هذه الخطوة من تداعيات على الملف الليبي”.

وأردف المركز قائلا “ثانياً، الفترة الانتقالية التي تعيشها الولايات المتحدة حالياً مرحلة البطة العرجاء، حيث سيسلم بايدن السلطة لترامب في 20 يناير 2025، وما يمكن أن يتبناه كل منهما من سياسات تجاه ليبيا”.

واستمر قائلا “يتعمق النفوذ العسكري الروسي في ليبيا يوماً بعد يوم، في وقت تضغط فيه الولايات المتحدة وحلفائها الأروبيين لاحتواء هذا النفوذ، ولكن التواجد التركي أحد أدوات هذا الاحتواء، أو على الأقل عامل توازن جيواستراتيجي مهم بالنسبة للناتو في مواجهة روسيا”.

واستدرك قائلا “خسارة روسيا لحليفها السوري بشار الأسد، وما قد يترتب عليه من احتمالية مرجحة وطبيعية لخسارة نفوذها العسكري في سوريا، وبالتالي فقدانها لتواجدها الجيوسياسي الحيوي في المياه الدافئة عبر سواحل طرطوس، من المرجح أن ينعكس على الملف الليبي من عدة سيناريوهات”.

وعدد المركز هذه السيناريوهات بقوله “السيناريو الاول، من المرجح أن تستميت روسيا في الدفاع عن نفوذها العسكري في شرق ليبيا وعن تحالفها مع خليفة حفتر، لأنه لم يعد أمام روسيا غير ليبيا، لتضمن منفذاً على المياه الدافئة في شرق المتوسط، وهو الهدف الجيوسياسي الذي طالما سعت إليه موسكو”.

واستطرد بقوله “من هنا يمكن إدراك طبيعة تحركات الطائرات الروسية ما بين اللاذقية وبنغازي وكذلك القوات التابعة لبشار والتي فرت إلى ليبيا، فعلى الأرجح قد يكون هناك عملية نقل معدات وأسلحة وجنود من قواعدها في سوريا إلى ليبيا”.

وأتبع قائلا “إذا شعرت روسيا بتهديد أيضا لنفوذها في شرق ليبيا، قد يصل بها الأمر لدعم ودفع حفتر، مستغلة طبيعة الفترة الانتقالية في الولايات المتحدة حالياً، لإطلاق عملية عسكرية جديدة للسيطرة على طرابلس وهزيمة حلفاء تركيا في ليبيا، كما فعلت أنقرة مع حلفاء موسكو في سوريا، وهو ما يمكنها من تعويض خسارتها وتأمين نفوذها في ليبيا”.

وشدد المركز على أن العائق الرئيسي هو انشغال روسيا بحرب أوكرانيا واحتمالية عدم استعدادها لفتح جبهة جديدة، وبالتالي قد يكون لهذه الخطوة نتيجة عكسية تماماً، تقود لخسارة روسيا المعركة ومعها نفوذها في ليبيا.

وبالنسبة للسيناريو الثاني فقال المركز: “يمثل انتصار الثوار في سوريا وسقوط الأسد ليس انتصاراً محلياً فقط، بل هو أيضا انتصاراً إقليمياً لتركيا وتعزيزاً لنفوذها الإقليمي عبر ضمان حليف لها في دمشق. وبحسبة توازنات القوى في الإقليم، فإن هناك العديد من الأطراف الإقليمية والدولية التي لن تسمح لتركيا كحد أدنى أن تنتصر أيضا في ليبيا وتحسم مسألة النفوذ فيها بشكل كامل بما في ذلك شرق ليبيا”.

وح ر المركز من أنه “قد تأخذ هذه الأطراف خطوة استباقية وتدفع حفتر لإطلاق عملية عسكرية بها قدر من المخاطرة، للسيطرة على العاصمة طرابلس وإنهاء النفوذ التركي فيها، بعد تعزيز الأخيرة نفوذها في سوريا”.

أما السيناريو الثالث، فيتمثل في “أنه مع خسارة روسيا لنفوذها في سوريا، قد تجد الولايات المتحدة في ذلك فرصة لمزيد من الضغط على روسيا في منطقة الشرق الأوسط عبر البوابة الليبية، لإضعاف نفوذها في ليبيا وتشتيت جهودها ما بين ليبيا وأوكرانيا، بالأخص خلال الفترة المتبقية لجو بايدن في البيت الأبيض، خاصة وأن الأخير يسعى لزيادة التوتر الجيوسياسي مع روسيا في العديد من الملفات، لقطع الطريق أمام دونالد ترامب في مساعيه المتعلقة بتخفيف التوتر مع روسيا، بشكل يقود لإنهاء الحرب الأوكرانية بصيغة قد لا تصب في صالح الغرب من الناحية الجيواسراتيجية”.

وأشار المركز إلى أن واشنطن قد تتخذ نهجين في هذا الأمر، “الأول محاولة ثني حفتر عن تحالفه المتنامي مع الروس، لذلك تتزايد الزيارات الأمريكية لشرق ليبيا ولقاء حفتر وأبناءه”.

وأضاف قائلا “النهج الثاني، يتمثل في احتمالية إشغال روسيا في ليبيا عبر إشعال حرب داخلية من جديد بين شرق وغرب البلاد. أي أن الولايات المتحدة وفقاً لهذا التحليل، هي التي قد تدفع نحو خيار الحرب وليس روسيا”.

أما السيناريو الرابع لتلك المعضلة فيظهر “في أنه بعد وصول ترامب للبيت الأبيض، هناك احتمالية لعقده صفقة، كعادته في التعامل مع ملفات السياسة الخارجية، قد يكون مضمونها هو الربط والمقايضة بين وقف الحرب الأوكرانية مقابل الاعتراف بالنفوذ الروسي في ليبيا، بل وقد يعطي ترامب الضوء الأخضر لحفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس بدعم روسي”.

وتطرق التقرير إلى أنه قد تكون الساحة الليبية الآن مهيأة محلياً وإقليمياً ودولياً أكثر من أي وقت مضى لاندلاع حرب جديدة بين شرق وغرب البلاد عن طريق عدة محفزات مختلفة، فالصراع والتوتر بين المؤسسات الرسمية على أشده، بالأخص ما بين حكومتي الشرق والغرب من ناحية، والمجلس الرئاسي والنواب من ناحية ثانية، وداخل مجلس الدولة من ناحية ثالثة”.

وأتم التقرير قائلا “من أجل تجنب الحرب، على الفرقاء الليبيين إدراك طبيعة التغيرات الجيوسياسية في المنطقة والعالم ودوافع القوى الإقليمية والدولية الحقيقية، وعدم الانخداع والانجرار خلف أي محفزات دولية أو إقليمية نحو الحرب، لأنه مهما كانت التطمينات فمن الصعب لأي طرف حسمها بشكل نهائي في ظل موازين قوى متماسكة بين الطرفين، سواء على مستوى تراكم القوة أو دعم الحلفاء، فإذا كانت روسيا داعمة لحفتر فهناك تركيا في الجانب المقابل. وفي ظل هذه الوضعية، لن يكون هناك رابح من المعركة”.

زر الذهاب إلى الأعلى